آية الحجاب التي نزلت، نزلت لنساء النبي (ص) وفي ظروف معينة ورغم أن القرآن قد أخبرنا بأن الرسول اسوة للمؤمنين "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" ( الأحزاب 33:21) فلم ترد آية واحدة تشير إلي أن نساء النبي اسوة المؤمنات.بل لقد وضع القرآن ما يفيد التمييز بين زوجات النبي وسائر المؤمنات كما جاء في الآية "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء" (الأحزاب 33:31) بمعني أن الأحكام التي تتقرر لزوجات النبي تكون لهن خاصة وليست لباقي المؤمنات كما ذكرنا من عدم وجوب زواج نساء الرسول بعد موته.فحتى لو فرضنا أن آية الحجاب تهم جميع المسلمات و ليس فقط نساء الرسول فيجب علي النساء أن يحتجبن في بيوتهن و لا يخرجن و لا يكلمن الناس إلا من وراء حجاب! هل يقبل هذا إخواننا من أهل السنة و الجماعة الذين يسمحون لنسائهم بالخروج و العمل و حتى المشاركة في الندوات الدولية؟ بالرجوع إلى التاريخ نجد أن النساء كن في عهد الرسول يخرجن من بيوتهن و يكلمن الرسول (ص) مباشرة و ليس عبر حجاب و خير مثال على ذلك المرأة التي و هبت نفسها لرسول الله (ص).هناك آية صريحة في سورة الأحزاب تشير بوضوح إلى أن حكم الإحتجاب في البيوت خاص بنساء الرسول : "يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا-وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا".آية الخمار أمرت بستر الصدر و لم تأمر بتغطية شعر الرأس.أما آية الجلابيب فغايتها كانت هي التمييز بين نساء المسلمين و الجواري لكي تٌعْرف نساء المسلمين و تتجنبن أذى الفجار من الرجال و هذا حكم مشترط بظروف معينة ليست موجودة في عصرنا.الحديثان الوحيدان اللذان رويا بخصوص الحجاب يتناقضان فيما بينهما و يعتبران من أحاديث الآحاد التي لا تلزم المسلم في المسائل الشرعية لعدم ثبوت صحتها 100 في 100 و التي لم ترد في كتب الصحاح كالبخاري و مسلم.
خلاصة القول أنه لا يوجد بتاتا لا في كتاب الله و لا في سنة نبيه الصحيحة المتواترة ما يدل على وجود شيء اسمه "فريضة الحجاب".
5) الحجاب ليس إلا رمزا سياسيا
من يدرس القرآن بجدية يمكنه أن يستنتج أن الحجاب كما نعرفه اليوم ليس من القرآن في شيء بل هو من البدع والخرافات و نشأ من الجهل بتعاليم القرآن وأصول الدين و من العقلية الحزبية التي يذهب ضحيتها المواطنون البسطاء الذين يضعون الثقة الكاملة في شيوخ الحركات الإسلامية.الحجاب يعود إلى العبادات والتقاليد المتوارثة من المجتمعات القديمة والتي كانت موجودة قبل نزول القرآن سواء المجتمعات المتدينة أو غيرها.
تغطية الرأس عبارة عن تقليد متوارث من قبل زمن القرآن الكريم ولم ينزل به أي قانون إلهى في الكتب السماوية وفي بعض الأماكن في العالم نجد أن الرجال هم الذين يرتدون غطاء الرأس بينما النساء من نفس القبيلة لا ترتدينه كم نرى في قبائل الطوارق في صحراء شمال أفريقيا.وإنه من أخطر الأمور أن نخلط بين العادات والتقاليد وبين ما يأمرنا الله به في كتبه الكريمة لأن الادعاء بأن أي عادة من العادات هي من عند الله هو ادعاء كاذب يماثل الشرك بالله والكذب في حقه جل جلاله, تعالي عن كل ادعاء كاذب.
الحجاب بمفهومه الحالي شعار سياسي وليس فرضاً دينياً ورد على سبيل الجزم والقطع واليقين والدوام، لا في القرآن ولا في السنة الصحيحة المتواترة، بل فرضته الجماعات الإسلامية ذات الأهدافالسياسية لتمييز بعض السيدات والفتيات المنضويات تحت لوائهم عن غيرهن من المسلمات، فتمسكت به هذه الجماعات وجعلته شعارا لها، وأعطته طابعا دينيا، كما فعلت بالنسبة للباس الرجال للجلباب أو الزي "الهندي" أو "الباكستاني" أو "الأفغاني" زعماً منها بأنه الزي الإسلامي مع العلم أن الزي الذي كان سائدا عند العرب وقت ظهور الإسلام هو اللباس المعروف حاليا في المملكة العربية السعودية و بلدان الخليج و بعض دول الشرق الأوسط (القميص, العمامة الخ..).فمثل هذه الجماعات تتمسك بالتفاهات ولا تنفذ إلي روح الدين الحقيقية التي احترمت شخصية الإنسان وحقوقه وحرياته الأساسية، فقد سعت هذه الجماعات إلي فرض ما يسمي بالحجاب بالإكراه علي نساء وفتيات المجتمع كشارة يظهرون بها انتشار نفوذهم وامتداد نشاطهم وازدياد أتباعهم مساندين في ذلك من طرف علماء الضلال من أمثال الشعراوي والطنطاوي والقرضاوي وغيرهم سامحم الله أجمعين.في أحيان كثيرة يستعمل أسلوب العنف لترهيب النساء في الأماكن العمومية و إرغامهن على ارتداء هذا الزي رغما عن أنوفهن فحتى لو افترضنا أن الحجاب فريضة دينية فأين مبدأ "لا إكراه في الدين" الذي هو مبدأ قرآني عميق الدلالة؟
إن عداء هؤلاء للمرأة التي هي نصف الإنسانية وكراهيتهم العميقة لها هو الذي جعلهم يتصورون أن كل ما فيها عورة، شعرها، صوتها، وجهها، و أنها خُلقت من أجل تلبية رغبات الرجل كما ادعى الإمام الغزالي و هي ملك له يجب أن يحافظ عليه.كان هذا يٌقبل في الماضي، لكن القول به الآن يعتبر عودة للجاهلية و جهل لروح ومتطلبات العصر، عصر الحقوق و الواجبات و المسؤولية و قد بلغ الإنسان هذا المبلغ بفضل الله سبحانه و تعالى على عباده، عصرالإيمان الوجداني النابع من الأعماق و المبني على الاقتناع و ليس على الإرهاب الفكري، عصر يري الحجاب الحقيقي في نفس المرأة العفيفة وضمير الفتاة الصالحة التي تحجب نفسها عن كل ما يتنافى مع الأخلاق الحميدة و ليس شعرها الذي وهبها خالقها إياه، وقلب وضمير المرأة الطاهر، لا في مجرد وضع زي أو رداء لا معني حقيقي له سوى المظهرالخارجي.لقد اختلف الذين سمحوا لأنفسهم بالتحدث بإسم الإسلام حول هذه المسألة فمنهم من لا يرضى بأقل من "النقاب" الذي ما أنزل الله سبحانه و تعالى به من سلطان فاختلافهم هذا حول طبيعة ما يسمونه "الزي الإسلامي للمرأة" و تعريفه لخير دليل على أنهم في ظلماتهم يعمهون كلهم في ذلك سواء و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.قال الله تعالى في كتابه العزيز :
( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (لأعراف:26)
فليتفكر أولي الألباب الذين يعتبرون استعمال العقل الذي هو أعظم ما أنعم الله تعالى به على عباده فريضة إسلامية و كل من لا يريد استعمال عقله و يفضل إتباع ما يقوله المشايخ فهو بعيد كل البعد عن هذا الدين الحنيف و عليه أن يتحمل مسؤوليته قبل أن يفوت الأوان.
يجب أن يفهم الناس حقيقة أن هؤلاء الذين يدَّّعُون الإسلام يوظفون الدين لتغطية مخططاتهم السياسية، والدليل علي ذلك أن وضع غطاء الرأس عمل سياسي أكثر منه ديني.إنه يُفرض حتى علي الفتيات الصغيرات اللواتي لا زلن دون البلوغ مع أنه وطبقاً للنص الديني كما يفهمونه يقتصرعلي النساء البالغات فقط.لكن القصد هو استغلال الدين لأغراض سياسية واستعمال المذاهب الضالة التي تقوم على تحريف كلام الله لأهذاف حزبية دون مراعات أسباب النزول، بنشر ما يسمي بالحجاب، حتى بين الفتيات دون سن البلوغ، لكي يكون رمزا سياسيا وعلامة حزبية علي انتشار جماعات الإسلام السياسي وذيوع فكرها الضال بين الجميع حتى وإن كان مخالفاً للدين الحنيف، وشيوع رموزها مهما كانت مجانبة للشرع القرآني الإلهي.فدافعهم هو التعصب الأعمى ورائدهم السلطة وامتيازاتها وملذاتها والمكان الملائم لتحقيق رغباتهم المنحرفة بإراقة دماء المسلمين وغير المسلمين بحجج واهية وكاذبة خدمة للشيطان لا لله سبحانه و تعالى.
وعندما تصبح العادات والتقاليد و الأهواء السياسية أهم عند الناس من قوانين الله سبحانه وتعالي في القرآن يصبح الدين فاسدا ويفشلوا وتذهب ريحهم ويختفي النصر الذي وعده الله عباده ويحل محله الهزيمة والخسران كما هو حالنا الآن.
أختي المسلمة المتحجبة, نحن و إن كنالا نشك في حسن إيمانك, نريدك فقط أن تعلمي أن "الحجاب" الذي ترتدينه ليس فرضا إسلاميا ملزما على سبيل اليقين و لهذا الغرض قدمنا ما يكفي من الأدلة.إن كنت مقتنعة بأن إسلامك لن يكتمل إلا بهذا الزي فلا حرج عليك في أن ترتديه لكن لا تعتقدي أن أخواتك الغير المتحجبات ناقصات دين لأنك باعتقادك هذا ستكونين قد ارتكبت ذنبا كبيرا.
و خير ما يمكن أن نختتم به حديثنا هذه الآية الكريمة : "يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَال" صدق الله العظيم